بسم الله الرحمن الرحيم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الإنكار بالقلب فرض لا يسقط بحال على كل مسلم)
أهميته :- 1- أمر من الله ورسوله :- (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " . وفي رواية : " وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل " .
2- تركه موجب لسخط الله وعقوبته :- قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ).
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله عز وجل أن يبعث عليكم عذابا من عنده ثم تدعونه فلا يستجاب لكم) رواه الترمذي وحسنه
قال العلامة الشيخ حمد بن عتيق -رحمه الله-: "فلو قدر أن رجلا يصوم النهار ويقوم في الليل ويزهد في الدنيا كلها، ولا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر، فهذا الرجل من أبغض الناس عند الله، وأقلهم ديناً.
3- ضمان لعدم تأثر الصالحين بفساد المفسدين :- (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)
قال ابن عباس رضي الله عنه "أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العذاب"
قال الإمام الشنقيطي "والتحقيق في معناها أن المراد بتلك الفتنة التي تعم الظالم وغيره هي أن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه عمهم الله بالعذاب، صالحهم وطالحهم وبه فسرها جماعة من أهل العلم والأحاديث الصحيحة شاهدة لذلك"
4- تركه يذهب الإيمان :- قال ابن تيمية :- وذلك يكون تارة بالقلب ; وتارة باللسان ; وتارة باليد . فأما القلب فيجب بكل حال ; إذ لا ضرر في فعله ومن لم يفعله فليس هو بمؤمن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { وذلك أدنى - أو - أضعف الإيمان } وقال : { ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل }
درجات تغيير المنكر :- التغيير باليد :- في حق من استطاع ذلك كولاة الأمور والهيئة المختصة بذلك فيما جعل إليها، وأهل الحسبة فيما جعل إليهم، والأمير فيما جعل إليه، والقاضي فيما جعل إليه، والإنسان في بيته مع أولاده وأهل بيته فيما يستطيع.
التغيير باللسان :- واجب على كل أحد حسب استطاعته ما لم يخش فتنة يفوق ضررها ضرر ترك الأمر بالمعروف،
التغيير بالقلب:- واجب على كل أحد في كل حال ، ولا يرتبط بالاستطاعة ومن لم يغير بقلبه فليس بمؤمن؛ لأنه جاء في رواية (وليس بعد ذلك من الإيمان مثقال حبة من خردل)، أو كما قال - صلى الله عليه وسلم
ولا يجزئ إنكار المنكر بالقلب فقط لمن يقدر على إنكاره باليد (حسب مسؤليته) أو اللسان لمن يستطيع قال ابن عطية – رحمه الله - : والإجماع منعقد على أن النهي عن المنكر فرض لمن أطاقه وأمن الضرر على نفسه وعلى المسلمين ، فإن خاف فينكر بقلبه ويهجر ذا المنكر
كيفية الإنكار بالقلب :- أن يشعر المؤمن في قلبه، بكراهة هذا المنكر وبغضه له ، وأن يتمنى أن لو قدر على تغييره، وأن يناله حزن وهم لعدم قدرته على تغيير هذا المنكر، وهذا الأخير هو من أمارات صدق الإنكار بالقلب وينبغي أن ينضم إلى ذلك سؤال الله جل وعلا الإعانة على تغيير هذا البلاء وإزالته "" مع ضرورة ترك مكان المنكر ""
قال شيخ الإسلام -: "ومن لم يكن في قلبه بغض ما يبغضه الله ورسوله من المنكر الذي حرّمه من الكفر والفسوق والعصيان، لم يكن في قلبه الإيمان الذي أوجبه الله عليه، فإن لم يكن مبغضاً لشيء من المحرمات أصلاً لم يكن معه إيمان أصلاً".
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله :- فإن قال قائل: هل يكفي في إنكار القلب أن يجلس الإنسان إلى أهل المنكر ويقول: أنا كاره بقلبي؟
فالجواب: لا، لأنه لو صدق أنه كاره بقلبه ما بقي معهم ولفارقهم إلا إذا أكرهوه، فحينئذ يكون معذورا. شرح الأربعين النووية ص ٣٣٦ إنتهى
يقول الله( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ )
واخيرا إنكار المنكر بالقلب فريضة منسية إلا من رحم ربي
الرفق سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لهذا قيل: ليكن أمرك بالمعروف بالمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر (ابن تيمية)
مراتب المنكر: الشرك والكفر بأنواعه وبقسميه أكبر وأصغر، يليه البدعة وحسب درجتها ، يليها الكبائر، يليها المحرمات من الصغائر ، وهذا الترتيب ينبغي أن يكون حاضرا في ذهنك، وأن يكون ولاؤك وبراؤك وإقدامك وإحجامك بناء على هذا الترتيب في إنكار المنكر |