بسم الله الرحمن الرحيم فريضة التوكل التوكُّل على الله من أفضل الأعمال القلبية بعد الإيمان واليقين، بل هو شرط من شروط الإيمان وفريضة قلبية كما دل على ذلك القرآن والسنة النبوية ومنزلة التوكل قبل منزلة العبادة لأنه يتوكل في حصول مراده فهو وسيلة ، والعبادة غاية ، فسبحان من طلب من عباده تحقيق غاية وألهمهم الوسيلة
جمع الدين في هذه الآية ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) وابتلى عباده في عبادته، والاستعانة به، من الذي يعبده حق عبادته؟ ومن الذي يستعين به حق الاستعانة ؟
قال ابن القيم رحمه الله: "التوكل نصف الدين والنصف الثاني الإنابة، فإن الدين استعانة وعبادة، فالتوكل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة"
يقول الله عزوجل امرا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :- ( وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )
ويقول الله عن موسى وبني إسرائيل :- ( وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً )
ويقول الله عزوجل مخاطبا عباده إن التوكل شرطا من شروط الإيمان :- ( وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ )
ماهو التوكل :- هو تعلّق القلب بالله والاعتماد عليه في كلّ حال ومجال، والتسليم لأمره وقضائه والتفويض إليه في كلّ حال، والاستعانة به في كلّ شأن
التوكل أقسام ثلاثة: الأول: التوكل في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله، فهذا لا يجوز أن يكون إلا على الله، والتوكل في هذا النوع على غير الله شرك أكبر.
القسم الثاني: التوكل في الأسباب الظاهرة، كمن يعلق آماله ورجاءه على أحد من الخلق فيما أقدره الله عليه، فهذا من الشرك الأصغر.
القسم الثالث: التوكل على المخلوق في فعل ما يقدر عليه بأن يوكله وينيبه في تحصيله، لكن من غير تعليق القلب به، بل يعده سبباً ويعلق قلبه بالله الذي أوجد الأسباب، فهذا لابأس به.
من هم المتوكلون على الله :- هم من لا يرجون سواه ولا يقصدون إلا إياه ولا يلوذون إلا بجنابه ولا يطلبون الحوائج إلا منه ولا يرغبون إلا إليه ويعلمون أنه ماشاء كان وما لم يشأ لم يكن وأنه المتصرف بالملك لا شريك له ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب
ثمرة التوكل :- محبة الله {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} الحفظ والوقاية والكفاية التامة كما قال الله عز وجل: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه} الحفظ من الشيطان ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ )
التوكل والأخذ بالأسباب :- قال بعض السلف :- من طعَن في الاكتساب، فقد طعَن في السنة، ومن طعَن في التوكل، فقد طعن في الإيمان.
واخيرا عن معاذ بن جبل أن رسول صلى عليه وسلم أخذ بيده، وقال: ((يا معاذ، والله إني لأحبك، والله إني لأحبك))، فقال: ((أُوصيك يا معاذ، لا تَدَعنَّ في دُبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك))؛ رواه أبو داود، وصححه الألباني |